مقال شامل: فن تحليل القصيدة الشعرية من العصر الجاهلي إلى الحديث
أولاً: مراحل تحليل القصيدة (خطوات عملية)
القراءة الاستكشافية: قراءة القصيدة أكثر من مرة بهدف الاستمتاع وفهم المعنى الإجمالي.
التعريف بالنص وصاحبه: تحديد اسم القصيدة وشاعرها والعصر الذي تنتمي إليه (جاهلي، إسلامي... إلخ).
تحليل المستوى الموضوعي (الفكرة العامة):
تحديد الغرض الرئيسي للقصيدة (مدح، رثاء، غزل، فخر، حكمة، وطني، إنساني).
تحديد الأفكار الجزئية في كل بيت أو مقطع.
رصد الوحدة الموضوعية والربط بين أفكار القصيدة.
تحليل المستوى الفني (الشكل والأدوات):
الصورة الشعرية: (تشبيه، استعارة، كناية) وتحليل دلالاتها الجمالية.
الموسيقى: الوزن (البحر الشعري)، القافية، وحرف الروي.
الألفاظ: هل هي جزلة قوية (كالقدامى) أم سهلة مرنة (كالمحدثين)؟ وما مدى مناسبتها للموضوع؟
التركيب النحوي: (الجمل الفعلية ديناميكية، الجمل الاسمية ثبات).
التركيب والتقويم (الرأي الشخصي):
تقييم مدى نجاح الشاعر في نقل فكرته وإيصال مشاعره.
تقييم جمالية الصور وقوة الألفاظ وانسجام الموسيقى مع الموضوع.
إبداء الرأي الشخصي حول القصيدة بشكل عام.
ثانياً: أسئلة النقد والتقويم والرأي (منهجية للإجابة)
أ. أسئلة تحليل الرأي والحجج:
السؤال: ما القضية أو الرأي الذي يدافع عنه الشاعر في قصيدته؟ وما الحجج والأدلة التي استخدمها لدعم هذا الرأي؟
الإجابة النموذجية: (مثال على قصيدة فخر) يدافع الشاعر عن فضائل قبيلته وشخصه. وحججه: الشجاعة (باستدعاء معارك سابقة)، الكرم (وصف موائد الطعام)، الاصول النبيلة (نسب القبيلة).
السؤال: هل نجح الشاعر في إقناعك برأيه؟ ولماذا؟
الإجابة النموذجية: نعم، نجح لأن حججه كانت ملموسة ومستمدة من واقع الحياة القبلية وقيمها. أو: لم ينجح لأنها ذاتية وتعتمد على المبالغة أحياناً.
ب. أسئلة التركيب والتقويم:
السؤال: قارن بين صورة البطل في الشعر الجاهلي (مثل عنترة) وصورته في الشعر الحديث (مثل نزار قباني).
الإجابة النموذجية: البطل في الشعر الجاهلي فارس مغوار قوي البنية، بينما في شعر قباني قد يكون بطلاً عاشقاً أو إنساناً عادياً يثور على القيم البالية. الاختلاف يعكس اختلاف العصر وهموم المجتمع.
السؤال: كيف تطورت غرضية الشعر من العصر الجاهلي إلى العصر العباسي؟
الإجابة النموذجية: من أغراض محددة مرتبطة بالقبيلة (فخر، مدح، هجاء) إلى أغراض أكثر تنوعاً وتأثراً بالحضارة كالزهد، التصوف، الغزل العذري ثم الصريح، والشعر الفلسفي.
السؤال: ما رأيك في الصورة التي تقول: "فأوردتهم مورد الهلاك وأنت لهمُ عذبٌ نميرٌ"؟ (من شعر الحكمة للمتنبي).
الإجابة النموذجية: هذه صورة قائمة على المفارقة بين "مورد الهلاك" (الموت) و"العذب النمير" (الحياة). إنها تصور قسوة الدنيا وخداعها، حيث تقدم لهم الموت في صورة الماء العذب، مما يعمق feeling الحكمة والتحذير.
ثالثاً: نصائح لطلبة البكالوريا في امتحان النصوص
اقرأ النص بعناية: لا تتسرع في الإجابة. حدد الغرض الرئيسي أولاً.
استخدم المصطلحات النقدية بدقة: (استعارة مكنية، كناية عن صفة، جناس، طباق... إلخ).
اربط بين الشكل والمضمون: لا تذكر وجود تشبيه فقط، بل قل "استخدم الشاعر التشبيه ليوضح فكرة كذا..."
نظّم إجابتك: قدم إجابة منظمة، استخدم الترقيم والعناوين الفرعية إذا أمكن.
ادعم رأيك بالأدلة: لا تقل "الألفاظ جميلة" فقط، بل اختر بعض الألفوض واشرح جمالها.
التركيب مهم: خصص وقتاً لجزء "الرأي الشخصي" فهو يظهر فهمك العميق للنص.
رابعاً: خلاصة
تحليل القصيدة هو فن يجمع بين الذوق الأدبي والمعرفة المنهجية. مفتاح النجاح هو الفهم الدقيق للنص، ثم تفكيك عناصره (معنى، ألفاظ، صور، موسيقى)، وأخيراً إعادة تركيبها لتقديم رؤية نقدية متزنة تظهر جهد الشاعر وعمق رسالته، معرباً عن رأي شخصي مدعوم بالأدلة من النص نفسه.
خامساً: امتحان نموذجي مع الحل
النص:
(من شعر أحمد شوقي في رثاء مصطفى كامل)
صَـنْـجُـةُ الـحَـزْنِ فَـدَعْـها تَـرْنُـُـو وَاجْـتَـهِـدْ في البُكْـاءِ وَالْعَـوِيلِ
وَاذْكُـرِ الـحَـبَّـةَ الـغَـرَّاءَ فِي مِصْـرَ، وَالْـقَـلْـبَ وَالْـعَـقْـلَ الْكَـبِـيرَا
مَـا لِـلأَرْضِ لا تَـزالُ مُـوَّارَةً كَـالـحَـمِـيِّ بـهِ الـخَـمِـيـرُ الْثَـمِـرُ؟
الأسئلة:
حدد غرض النص، واذكر اسم صاحبه وعصره.
ما الفكرة العامة التي يتناولها الشاعر في هذه الأبيات؟
استخرج صورة بيانية من البيت الثالث، وبين نوعها وقيمتها الفنية.
ما أثر الموسيقى على المعنى في قوله: "وَاجْـتَـهِـدْ في البُكْـاءِ وَالْـعَـوِيلِ"؟
بماذا تعلل انتشار شعر الرثاء في الأدب العربي؟ اذكر سببين.
نموذج الإجابة (الحل):
الغرض: الرثاء. صاحبه: أحمد شوقي (أمير الشعراء). عصره: العصر الحديث (عصر النهضة أو الأدب المعاصر).
الفكرة العامة: تصوير الشاعر لحزنه العميق وجزعه على فقيد مصر (مصطفى كامل)، ودعوته للبكاء عليه، مع تعجبه من أن الأرض لا تزال تعطي رغم فداحة المصاب.
الصورة البيانية: في قوله "مُـوَّارَةً كَـالـحَـمِـيِّ". نوعها: تشبيه. حيث شبه الأرض التي تثمر وتخرج النبات (مُوَّارة) بالقدْر (الحميّ) الذي يغلي بما فيه. قيمتها الفنية: توضح المفارقة بين حياة الأرض المستمرة وموت الإنسان العظيم، مما يعمق feeling الحزن والاستغراب.
أثر الموسيقى: تنتهي الكلمتان "البكاء" و"العويل" بحرف مد (الواو والياء) الذي يساعد على الإطالة في النطق، محاكياً صوت النحيب والبكاء الطويل، مما يعزز الجو الحزين للقصيدة.
أسباب انتشار الرثاء:
لأنه يعبر عن قيمة الإنسان، ويخلد مناقب الموتى.
لارتباطه بالعواطف الإنسانية الجياشة والصادقة كالحزن والوفاء، مما يجعله قريباً من قلوب الناس.

Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire