تحليل النص النثري لطلبة البكالوريا

مقال في اللغة العربية: فن تحليل النص النثري

يمثل النص النثري ركيزة أساسية في الأدب العربي الحديث، حيث تجلّت فيه شخصية الأديب وفكره وأسلوبه. وينقسم هذا النثر إلى ألوان عدة، أبرزها المقال الأدبي، والخاطرة، والرسالة الأدبية. وقد برز في هذه الميادين أعلام سطّروا بأقلامهم أفكارًا خالدة، مثل عميد الأدب العربي طه حسين، وأديب الفكرة عباس محمود العقاد، وملكة الأدب الرومانسي مي زيادة.

أولاً: خصائص الأنواع النثرية:

المقال الأدبي: (كما عند طه حسين والعقاد)
- الفكرة: يعالج قضية فكرية أو أدبية أو اجتماعية معينة معالجة موضوعية متعمقة، مدعمة بالأدلة والبراهين والحجج المنطقية.
- الأسلوب: يتميز بالوضوح والمنطقية والقوة، وقد يكون حادًا وجريئًا (كأسلوب طه حسين في بعض المواقف)، أو عميقًا فلسفيًا (كأسلوب العقاد)، مع الاعتناء بسلامة اللغة وجزالة الألفاظ.
- الخصائص الفنية: بناء محكم، مقدمة واضحة، وعرض مفصل، وخاتمة متينة. يستخدم الأساليب الإنشائية والبلاغية لتقوية حجته.
الخاطرة: (كما عند مي زيادة)
- الفكرة: تعبر عن لمحة ذهنية، أو شعور عاطفي، أو تأمل وجداني في الحياة والإنسان. تعتمد على التكثيف والإيحاء.
- الأسلوب: أسلوب شاعري تصويري، يميل إلى العذوبة والرشاقة والعاطفية، مليء بالصور البلاغية والاستعارات.
- الخصائص الفنية: بناؤها قصير ومكثف، يشبه القصيدة النثرية. تعتمد على التدفق العاطفي وربط المشاعر بالطبيعة والكون.
الرسالة الأدبية: (كما تبادلها الأدباء مثل مي زيادة والعقاد)
- الفكرة: نقل أفكار ومشاعر شخصية بين مرسل ومستقبل، لكنها تعلو إلى مستوى أدبي رفيع.
- الأسلوب: يجمع بين طابع المحادثة الحميمية ورشاقة الأسلوب الأدبي. يتنوع بين الموضوعية والعاطفية حسب طبيعة العلاقة وموضوع الرسالة.
- الخصائص الفنية: لها هيكل تقليدي (تحية، مقدمة، صلب الموضوع، خاتمة). تعتمد على التعبير الصادق والاعترافات الذاتية، مما يجعلها وثيقة نفسية مهمة.

أسئلة التحليل والنقد والتقويم مع الإجابات النموذجية

أولاً: أسئلة تحليل الرأي والحجج (لمقال طه حسين أو العقاد):

السؤال: ما القضية المركزية التي يدور حولها النص؟ وما موقف الكاتب منها؟
- الإجابة: تدور القضية حول... (مثال: ضرورة التجديد في الأدب، أو موقف من التقاليد الاجتماعية). وموقف الكاتب هو (مؤيد/معارض/محلل) وقد قدّم حججه لدعم هذا الموقف.
السؤال: ما الحجج والبراهين التي استخدمها الكاتب لإقناع القارئ بوجهة نظره؟ صنفها (منطقية، تاريخية، واقعية).
- الإجابة: استخدم الكاتب عدة حجج منها:
  - حجج منطقية: مثل (القياس، السببية).
  - حجج تاريخية: الاستشهاد بحادثة أو شخصية من الماضي.
  - حجج واقعية: تقديم أمثلة من الواقع المعيش.
  - حجج أدبية: الاستشهاد بأبيات شعرية أو نصوص أدبية.
السؤال: هل استطاع الكاتب إقناعك بوجهة نظره؟ ولماذا؟
- الإجابة (رأي شخصي): نعم، أقنعني لأن حججه كانت قوية متسلسلة ومنطقية. أو: لم يقنعني بالكامل لأن بعض حججه كانت انفعالية أو تفتقر إلى الدليل المادي.

ثانيًا: أسئلة التركيب والتقويم (للخاطرة أو الرسالة):

السؤال: ما الانفعال أو الشعور الغالب على النص؟ وما الوسائل الفنية التي استخدمها الكاتب للتعبير عنه؟
- الإجابة: الشعور الغالب هو (الحزن، الشوق، التأمل، الفرح...). والتعبير عنه تم عبر:
  - الصور البلاغية: (استعارات، كنايات).
  - المحسنات البديعية: (جناس، طباق).
  - الألفاظ الموحية والموسيقى الداخلية.
السؤال: قارن بين أسلوب الكاتب في هذا النص وأسلوب كاتب آخر (مثل مقارنة أسلوب مي العاطفي بأسلوب العقاد الفكري).
- الإجابة: يتميز أسلوب (مي) بأنه عاطفي وشاعري يعتمد على التصوير والإيحاء، بينما يميل أسلوب (العقاد) إلى الفكري والمنطقي ويعتمد على التحليل والحجة، مع أن كليهما يمتلكان لغة قوية.
السؤال: كيف عبر الكاتب عن العلاقة بين الإنسان والطبيعة في نصه؟
- الإجابة: عبر عن هذه العلاقة بأن جعل الطبيعة مرآة تعكس مشاعر الإنسان، فكانت (مشاركة له في فرحه، أو مواسية له في حزنه) باستخدام الاستعارات والتشبيهات.

ثالثًا: أسئلة النقد والرأي (لجميع الأنواع):

السؤال: ما رأيك في العنوان؟ هل كان موفقًا في التعبير عن مضمون النص؟
- الإجابة: نعم، العنوان كان موفقًا لأنه كان (موحيًا، أو مباشرًا، أو مجازيًا) يعكس الفكرة الرئيسية بشكل دقيق.
السؤال: هل تجد في النص أفكارًا لا تزال صالحة لعصرنا الحالي؟ وضح.
- الإجابة (رأي شخصي): نعم، فقضية مثل (الدعوة إلى التعليم أو حرية الفكر) لا تزال ذات راهنية. أو: بعض الأفكار مرتبطة بسياقها التاريخي وقد تحتاج إلى إعادة نظر.
السؤال: ما نقاط القوة والضعف في النص من وجهة نظرك؟
- الإجابة: نقاط القوة: قوة الحجج، روعة الصور، صدق العاطفة. نقاط الضعف: (إن وجدت) مثل: الإطالة، أو غموض في فكرة معينة.

نصائح هامة لتحليل النص النثري في الامتحان

اقرأ النص أكثر من مرة: الفهم أولاً، والتحليل لاحقًا.
حدد نوع النص: مقال؟ خاطرة؟ رسالة؟ لأن هذا يحدد طريقك في التحليل.
استخرج الفكرة العامة والأفكار الجزئية: استخدم القلم لتحديدها مباشرة على النص.
ارباط الشكل بالمضمون: لا تذكر الخصائص الفنية بمعزل عن المعنى. قل: "استخدم الكاتب التشبيه ليوضح فكرته..."
انتبه لسؤال الرأي: يجب أن تدعم رأيك دائمًا بأمثلة من النص. لا تقل "أعجبني النص" فقط، بل قل "أعجبني النص لأن الكاتب استخدم أسلوبًا شيقًا كما في قوله..."
نظم إجابتك: مقدمة موجزة، ثم التحليل في فقرات منظمة، ثم خاتمة مختصرة.
راجع لغتك: تجنب الأخطاء الإملائية والنحوية، فهي أساس التقييم.

خلاصة

المقال: فكرة + حجة + منطق + أسلوب واضح.
الخاطرة: عاطفة + إيحاء + تصوير + أسلوب شاعري.
الرسالة: حميمية + صدق + أسلوب سلس.
التحليل الناجح: فهم النص + تحديد العناصر + الربط بين الشكل والمضمون + نقد موضوعي.

امتحان نموذجي مع الحل

النص:
(مقطع من رسالة لمي زيادة إلى جبران خليل جبران)
"أيها الصديق البعيد القريب، كم أشتاق إلى تلك الجلسات الأدبية التي كنا ننسج فيها خيوط الفكر من خيالنا، ونصوغ من الكلام عقودًا للجمال. إن حديثك كان ينير ذهني كما تنير الشمس الأزهار. ها هي ذي الأمسيات تأتي وحيدة، وأنا هنا أتحدث إلى كتبك وكأنها أنت!"

الأسئلة:

حدد نوع هذا النص، مع التعليل.
ما الشعور الغالب على الكاتبة؟ استشهد بكلمة من النص تدل على ذلك.
ما الأسلوب البلاغي في قولها: "حديثك كان ينير ذهني كما تنير الشمس الأزهار"؟ وضح أثره.
ما رأيك في اختيار الكاتبة لكلمة "تأتي وحيدة" لوصف الأمسيات؟
هل تعتقد أن الرسالة الأدبية وسيلة جيدة للتعبير عن المشاعر؟

نموذج الإجابة (الحل):

نوع النص: رسالة أدبية، لوجود مخاطب محدد (جبران)، وطابع حميمي شخصي، واحتوائها على مشاعر صادقة وأسلوب أدبي رفيع.
الشعور الغالب: الشوق والحنين. والدليل على ذلك: كلمة "أشتاق".
الأسلوب البلاغي: تشبيه. حيث شبهت تأثير حديث جبران على ذهنها بتأثير الشمس على الأزهار. أثره: يكسب الكلام جمالًا وتصويرًا حيًا، ويوضح مدى التأثير الإيجابي والإلهام الذي يمنحه حديثه لها.
الرأي: اختيار موفق جدًا، تجسيد للجماد (الأمسيات) وإضفاء صفة بشرية عليها (الوحدة)، مما يعكس حالة الوحدة والحزن التي تعيشها الكاتبة بسبب غياب صديقها، فكأنما الطبيعة كلها تشاركها احساسها.
الرأي الشخصي: نعم، هي وسيلة ممتازة، لأنها تسمح بالصراحة والعمق في التعبير عن المشاعر التي قد لا يُجاهر بها أمام الملأ، كما أنها تسجل اللحظات الإنسانية الصادقة مما يجعلها وثيقة أدبية وتاريخية قيمة.