شعر النهضة وموقفه من الحضارة الغربية
عنوان المقال: شعر النهضة العربية وموقفه من الحضارة الغربية: بين الانبهار والرفض
مقدمة:
شكلت الحقبة المعروفة بعصر النهضة العربية (أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين) منعطفًا حاسمًا في التاريخ الأدبي والثقافي العربي. جاءت هذه النهضة كرد فعل على سيطرة الدولة العثمانية المتدهورة والتغلغل الاستعماري الغربي، مقترنة بوصول البعثات التبشيرية والمثقفين العرب إلى أوروبا. وفي خضم هذا الصدام الحضاري، برز الشعر كمرآة عكست مواقف المثقفين العرب المتباينة من الحضارة الغربية، تتراوح بين الانبهار بمنجزاتها والرفض لمخاطرها على الهوية العربية والإسلامية.
عرض الموضوع:
1. موقف الانبهار والتغني بالإنجازات المادية:
انبهر عدد من رواد النهضة بالتفوق العلمي والتقني والتنظيمي الذي شهدوه في الغرب. رأوا فيه السبيل الوحيد للخروج من حالة التخلف والجمود التي يعيشها العالم العربي. تجلى هذا الموقف في شعراء مثل:
أحمد شوقي (أمير الشعراء): الذي تغنى بمنجزات الحضارة الغربية مثل القطارات والسفن البخارية والطائرات، وعدها معجزات العصر الجديد.
حافظ إبراهيم: الذي أشار في شعره إلى أهمية الاقتباس عن الغرب في مجالات العلوم والصناعة كوسيلة للتقدم، دون المساس بالثوابت الدينية والاجتماعية.
2. موقف الرفض والتحذير من الغزو الفكري:
في المقابل، وقف شعراء آخرون موقفًا نقديًا حادًا من الحضارة الغربية، لا ينكر تقدمها المادي ولكن يحذر من غزوها الفكري والاستعماري الذي يهدد كيان الأمة وهويتها. رأوا أن التقدم الحقيقي لا يكون بتقليد الغرب في كل شيء، بل بالأخذ بالعلوم مع الحفاظ على الأصالة. أبرز من مثّل هذا التيار:
محمود سامي البارودي (رائد الشعر العربي الحديث): الذي دعا إلى التمسك بالقيم العربية الأصيلة والشهامة، معربًا عن أسفه لحالة الضعف التي آلت إليها الأمة.
أحمد شوقي (في جانب آخر من شعره): ففي العديد من قصائده، خاصة تلك التي تتناول نكبة العالم الإسلامي، يهاجم شوقي الاستعمار الغربي ويندّد بسياساته التقسيمية، كما في رثائه لسقوط الأندلس والذي كان استعارة رمزية لفلسطين والعالم العربي.
3. الموقف التوفيقي (الأخذ بالنافع ورفض الضار):
وهو الموقف الأكثر نضجًا وواقعية، الذي دعا إليه مثقفون وشعراء كثر، حيث ميزوا بين جانبين في الحضارة الغربية:
الجانب المادي والتقني (الإيجابي): وهو ما يجب الأخذ به والتعلم منه.
الجانب القيمي والأخلاقي (السلبي): وهو ما يجب رفضه ومقاومته لأنه يتعارض مع الشرع والعادات والتقاليد الأصيلة.
دعا أصحاب هذا الموقف إلى "الانفتاح الواعي" على الغرب، وعدم الانغلاق عليه أو الذوبان فيه.
خاتمة:
لم يكن موقف شعراء النهضة من الحضارة الغربية موقفًا واحدًا monolithic، بل كان متعددًا ومتشعبًا يعكس حالة الاضطراب والبحث عن الذات التي كانت تعيشها الأمة العربية. كان الشعر ساحة للحوار الداخلي بين هذه التيارات، مساهمًا في تشكيل الوعي العربي الحديث ودفعه نحو التساؤل عن سبيل النهضة الحقيقية: أهو تقليد الغرب أم العودة إلى الجذور أم توليفية between the two؟ يبقى هذا السؤال مطروحًا حتى يومنا هذا.
أسئلة وأجوبة حول الموضوع:
س 1: ما هي العوامل التي أدت إلى ظهور شعر النهضة؟
ج 1: عوامل داخلية (تدهور الدولة العثمانية، انتشار الجهل والأمية) وعوامل خارجية ( الحملة الفرنسية على مصر، البعثات التبشيرية، البعثات التعليمية إلى أوروبا، الاستعمار الغربي).
س 2: مثّل ببيتين شعريين لشاعر نهضوي انبهر بالحضارة الغربية.
ج 2:
يقول أحمد شوقي في قصيدة "النهضة":
أَرَى الْبُخَارَ غَدَا وَاللَّيْلَ مُعْتَكِرًا ** يَجُرُّ أُسْدُ الْبَحْرِ وَالْبَرِّ عِيرَهْ
يُدِيرُهَا الْفَتَى الْعَصْرُّ وَهْوَ قَاعِدٌ ** وَيَسْرِي بِهَا فِي الْمَوْجِ وَهْوَ جَالِسُ
س 3: لماذا انتقد بعض شعراء النهضة الحضارة الغربية؟
ج 3: لأنهم رأوا أن تقدمها المادي يقابله تخلّ أخلاقي وروحي، إضافة إلى سياساتها الاستعمارية الاستغلالية التي تستهدف ثروات العالم العربي وتقسيمه.
س 4: ما المقصود بالموقف التوفيقي في شعر النهضة؟
ج 4: هو الموقف الذي يدعو إلى الأخذ من الحضارة الغربية بمنجزاتها العلمية والتقنية المفيدة، ورفض قيمها المادية والاستهلاكية التي تتعارض مع الهوية العربية والإسلامية.
الخلاصة (ملخص مركز):
الزمان/المكان: أواخر القرن 19 وأوائل القرن 20 في مصر وبلاد الشام بشكل أساسي.
السبب: الصدام مع الحضارة الغربية (استعمار، بعثات، تبشير).
المواقف الرئيسية:
انبهار: بالإنجازات المادية (شوقي، حافظ).
رفض: للغزو الفكري والاستعماري (البارودي، شوقي في قصائد الوطنية).
توفيقي: أخذ العلم والتقنية، ورفض القيم المخالفة للهوية.
النتيجة: ساهم شعر النهضة في إثارة الحوار حول سبل النهضة وتشكيل الوعي القومي والنهضوي العربي.
امتحان نموذجي مع الحل:
السؤال الأول: ضع علامة (✓) أمام الإجابة الصحيحة وعلامة (✗) أمام الخاطئة:
كان موقف جميع شعراء النهضة من الحضارة الغربية موقف رفض وتشدد. (✗)
يمثل الموقف التوفيقي دعوة للأخذ من منجزات الغرب المادية ورفض قيمه المخالفة للهوية. (✓)
يعتبر محمود سامي البارودي من أبرز شعراء المدرسة الانبهارية بالغرب. (✗)
السؤال الثاني: اشرح briefly باختصار الموقف النقدي لشعراء النهضة من الحضارة الغربية.
الإجابة: تمثل الموقف النقدي في رفض الجانب الاستعماري التوسعي للحضارة الغربية وسياستها في تقسيم العالم العربي، والتحذير من غزوها الفكري والأخلاقي الذي يهدد القيم الدينية والاجتماعية العربية، مع الإقرار بتفوقها التقني.
السؤال الثالث: قارن بين موقفَيْ الانبهار والرفض من الحضارة الغربية في شعر النهضة من حيث الأسباب والممثلين.
الإجابة:
| البند | موقف الانبهار | موقف الرفض |
|---|---|---|
| السبب | النظر إلى التفوق العلمي والمادي كطريق وحيد للخروج من التخلف. | النظر إلى الغرب كخطر استعماري يهدد الهوية والكيان. |
| الممثلون | أحمد شوقي (في بعض قصائده)، حافظ إبراهيم. | محمود سامي البارودي، أحمد شوقي (في قصائد النضال والرثاء). |
| المضمون | التغني بالقطار، الطائرة، السفن، والعلوم الحديثة. | التحذير من الذوبان في الغرب، الدعوة إلى التمسك بالأصالة، مهاجمة الاستعمار. |
السؤال الرابع: ما الدروس المستفادة من تجربة شعر النهضة في تعاملنا مع الحضارات الأخرى اليوم؟
الإجابة: تعلّمنا تجربة شعر النهضة أهمية الانفتاح على الحضارات الأخرى والأخذ بما يفيدنا من تقدم علمي وتقني، مع ضرورة الحفاظ على هويتنا العربية الإسلامية وقيمنا الأصيلة، وعدم الذوبان بشكل أعمى في الآخر، والتمييز بين العلم النافع والسياسات العدائية.
بالتوفيق لجميع طلبة البكالوريا.

Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire