آخر الأخبار

جاري التحميل ...

الجزائر: تحديات السكان والتنمية المستدامة

 


السكان والتنمية في الجزائر:

تطور السكان (التركيب العمري، التوزيع الجغرافي غير المتكافئ). سياسة التنمية ومحاولة تحقيق التنمية المستدامة.
التحديات: البطالة، السكن، النقل، التهيئة العمرانية.

بالتأكيد. هنا نظرة شاملة حول موضوع "السكان والتنمية في الجزائر"، 


السكان والتنمية في الجزائر: بين التحديات ومساعي الاستدامة

شهدت الجزائر تحولات ديموغرافية واقتصادية واجتماعية عميقة منذ استقلالها، مما خلق تفاعلاً معقداً بين ديناميكية السكان وسياسات التنمية.

1. تطور السكان

  • التركيب العمري (الهيكل العمري):

    • شبابية المجتمع: يتميز المجتمع الجزائري بهيكل عمري فتيّ جداً. حيث يشكل الشباب دون سن 30 سنة حوالي %53 من إجمالي السكان (أكثر من 22 مليون نسمة). هذا هو إرث "الانفجار الديموغرافي" الذي شهدته البلاد في الثمانينيات والتسعينيات.

    • تحول ديموغرافي: تشهد الجزائر حالياً مرحلة تحول ديموغرافي، حيث بدأ معدل الخصوبة في الانخفاض بشكل ملحوظ (من أكثر من 7 أطفال لكل امرأة في الثمانينيات إلى حوالي 2.8 حالياً)، وذلك بسبب تحسن مستوى التعليم (خاصة بين النساء)، وتوسع ظاهرة التمدن، ونجاعة سياسة تنظيم الأسرة. هذا الانخفاض سيؤدي على المدى المتوسط إلى تباطؤ في نمو السكان وبداية شيخوخة المجتمع، لكن الفئة العمرية الشابة لا تزال هي السائدة حالياً وتشكل ضغطاً مستمراً على سوق العمل والخدمات الاجتماعية.

  • التوزيع الجغرافي غير المتكافئ:

    • تركيز ساحلي: يتوزع السكان بشكل غير متوازن، حيث تتركز الكثافة السكانية العالية على الشريط الساحلي الشمالي الضيق (الذي لا يشكل سوى حوالي 17% من المساحة الإجمالية) ويضم أكثر من 80% من السكان. يعود هذا إلى الظروف المناخية الملائمة (مناخ متوسطي)، وتركيز الأنشطة الاقتصادية (الصناعة، التجارة، الخدمات)، والبنية التحتية، والموانئ.

    • شاسعية الجنوب: في المقابل، المناطق الجنوبية والصحراوية الشاسعة (أكثر من 80% من المساحة) شبه خالية من السكان، باستثناء بعض الواحات والمراكز الحضرية حول مشاريع المحروقات (النفط والغاز). هذا التوزيع غير المتكافئ يخلق ضغوطاً هائلة على المدن الساحلية الكبرى (الجزائر العاصمة، وهران، قسنطينة) ويتسبب في إهمال نسبي للمناطق الداخلية.

2. سياسة التنمية ومحاولة تحقيق التنمية المستدامة

اتبعت الجزائر سياسات تنموية متعددة، تتراوح بين التخطيط المركزي والاقتصاد الموجه في السبعينيات (مع ثورة زراعية وصناعية) إلى سياسات أكثر انفتاحاً منذ الألفية الجديدة.

  • الاعتماد على المحروقات: ظل الاقتصاد الجزائري يعتمد بشكل شبه كلي على عائدات قطاع المحروقات (النفط والغاز)، الذي يمثل أكثر من 90% من إيرادات التصدير وحوالي 40% من الناتج المحلي الإجمالي. جعلها هذا الاقتصاد ريعياً وعرضة لتقلبات أسعار النفط العالمية.

  • برامج الاستثمار: أنفقت الدولة مليارات الدولارات في برامج استثمارية ضخمة (مثل برنامج دعم النمو الاقتصادي) لتمويل مشاريع البنية التحتية (طرق، سدود، سكك حديدية)، والإسكان، والمرافق الصحية والتعليمية.

  • التحول نحو الاستدامة: في السنوات الأخيرة، بدأت الجزائر في التوجه نحو مفهوم التنمية المستدامة، من خلال:

    • تنويع الاقتصاد: محاولة تشجيع القطاعات غير النفطية مثل الزراعة، والسياحة، والصناعات التحويلية، والطاقات المتجددة (الطاقة الشمسية في الجنوب).

    • الطاقات المتجددة: استثمارات كبيرة في مشاريع الطاقة الشمسية وطاقة الرياح لتخفيف الاعتماد على الغاز في إنتاج الكهرباء وتصدير الفائض.

    • حماية البيئة: إدراج معايير بيئية في المشاريع الكبرى ومكافحة التصحر.

3. التحديات الرئيسية

التفاعل بين النمو الديموغرافي وسياسات التنمية أنتج مجموعة من التحديات الكبرى:

  • البطالة: يُعد معدل البطالة المرتفع، خاصة بين الشباب وحاملي الشهادات الجامعية (غالباً ما يتجاوز 15% في هذه الفئة)، التحدي الأكبر. الاقتصاد الريعي القائم على المحروقات لا يخلق فرص عمل كافية بالوتيرة التي يدخل بها الشباب إلى سوق العمل كل عام.

  • أزمة السكن: الضغط الديموغرافي في المدن الكبرى أدى إلى أزمة سكن حادة.尽管 أنفقت الدولة مليارات على برامج الإسكان الاجتماعي (عدالة، تساهمي، إيجار-تمليك)، إلا أن الطلب لا يزال يفوق العرض بكثير، مما أدى إلى ظهور أحياء عشوائية ("مدن الصفيح") على أطراف المدن.

  • النقل: تعاني شبكات النقل في المدن الكبرى من اكتظاظ شديد وعدم كفاية، لا تتماشى مع حجم الكثافة السكانية. مشاريع المترو (في العاصمة ووهران) والترامواي (في عدة مدن) هي حلول جزئية، لكن شبكة النقل العمومي بين المدن وداخلها لا تزال بحاجة إلى تطوير كبير.

  • التهيئة العمرانية والعمران: التوزيع السكاني غير المتكافئ خلق تفاوتاً كبيراً في التجهيزات والبنى التحتية بين الشمال والجنوب، وحتى بين مركز المدينة وضواحيها. التهيئة العمرانية غالباً ما تكون غير مخططة، مما يؤدي إلى:

    • الزحف العمراني العشوائي على الأراضي الزراعية الخصبة في الشمال.

    • نقص في المرافق العامة (حدائق، مناطق خضراء، مراكز ثقافية).

    • تلوث بيئي في المراكز الحضرية الكبرى بسبب كثافة المركبات والأنشطة الصناعية.

خاتمة

تواجه الجزائر معادلة صعبة: كيفية تسخير الثروة الديموغرافية الشابة لتحقيق تنمية اقتصادية مستدامة، مع معالجة الاختلالات الهيكلية العميقة مثل الاعتماد على النفط والتوزيع الجغرافي غير المتوازن. نجاح سياسات التنمية المستقبلية مرهون بقدرتها على تنويع الاقتصاد، استثمار رأس المال البشري الشاب عبر تعليم وتدريب يلبيان احتياجات سوق العمل، وإعادة التوازن الإقليمي من خلال استراتيجية فعالة للتهيئة العمرانية تنقل الاستثمارات والأنشطة نحو المناطق الداخلية والجنوبية.

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire

التعليقات


اتصل بنا

إذا أعجبك محتوى مدونتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المدونة السريع ليصلك جديد المدونة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

جميع الحقوق محفوظة

.