آخر الأخبار

جاري التحميل ...

المشكل والإشكال الفلسفي

 المشكل والإشكال الفلسفي


حمل كتبي من مكتبة نور

حمل كتبي من مكتبة كتوباتي

المادة الفلسفية: المشكل الفلسفي والإشكال الفلسفي

1. المقال التحليلي

مقدمة:
غالباً ما يجد دارس الفلسفة لأول مرة نفسه أمام مصطلحين متقاربين ولكنهما مختلفان: المشكل الفلسفي والإشكال الفلسفي. يُطرح السؤال: هل هما وجهان لعملة واحدة أم أنهما مفهومان متمايزان؟ في الواقع، يمثل المشكل اللحظة الأولى للتساؤل والاستفهام، بينما يمثل الإشكال البنية المنطقية والمنهجية التي يتشكل منها ذلك التساؤل، مما يجعله قابلاً للمعالجة الفلسفية. فكيف يمكن التمييز بينهما وكيف يتكاملان في بناء الفكر الفلسفي؟

التطور:
أولاً: المشكل الفلسفي (Le Problème)
المشكل هو كل ما يثير التساؤل ويحير الذهن ويخلق حالة من القلق الفكري وعدم الارتياح. إنه موقف ملموس أو فكرة غامضة تدفع الفيلسوف إلى التفكير. خصائصه:

  • ينبع من الواقع: غالباً ما يكون ناتجاً عن صعوبة في الحياة أو تناقض في التجربة الإنسانية (مشكل الشر، مشكل الحرية، مشكل العدالة).

  • طابعه وجودي ونفسي: فهو يعبر عن حيرة ودهشة أمام العالم (كما عند أفلاطون وأرسطو الذين اعتبرا الدهشة أصل الفلسفة).

  • عام وغير محدد: إنه السؤال الأولي والعفوي، مثل "هل الإنسان حر؟" أو "ما العدالة؟".

ثانياً: الإشكال الفلسفي (La Problématique)
الإشكال هو الصياغة المنهجية والتحويل المنظم للمشكل العفوي إلى مجموعة من الأسئلة المترابطة والمتسلسلة التي توجه البحث. إنه هندسة السؤال.

  • بناء عقلي ومنطقي: هو عملية عقلية يقوم بها الفيلسوف لتفكيك المشكل إلى مكوناته الأساسية.

  • يطور المفارقات: يبرز الإشكال التناقضات والمواقف المتعارضة (أطروحة، نقيض الأطروحة) لخلق حوار عقلي. فسؤال "هل الإنسان حر؟" يصبح إشكالاً: "إذا كان العالم تحكمه causality سببية، فكيف يمكن للحرية أن توجد؟ وإذا كنا أحراراً، فما أساس القوانين الأخلاقية؟".

  • أداة تحليل: هو الإطار الذي يسمح بمناقشة المشكل من زوايا مختلفة (وجودية، أخلاقية، معرفية...).

العلاقة بينهما:
العلاقة بين المشكل والإشكال هي علاقة تكميلية وتراتبية. فالمشكل هو المادة الخام، والإشكال هو الشكل النهائي المُصاغ. لا يمكن معالجة مشكل فلسفي بجدية دون تحويله إلى إشكال. بكلمات أخرى، المشكل هو "ماذا" نبحث فيه، بينما الإشكال هو "كيف" نبحث فيه.

خاتمة:
يمكن القول إن الانتقال من المشكل إلى الإشكال هو الانتقال من السؤال الساذج إلى السؤال المؤسس، من الدهشة إلى التفكير المنهجي. إنه جوهر العمل الفلسفي. فالفيلسوف الحقيقي ليس من يطرح أسئلة فقط، بل هو من يحسن تشكيل هذه الأسئلة وتحويل قلقها الوجودي إلى إشكال فكري دقيق يفتح المجال للحوار والنقاش والتفكير النقدي.因此، فإن إتقان صياغة الإشكال هو المهارة الأساسية لأي طالب فلسفة.


2. أسئلة وأجوبة (FAQ للطالب)

س: هل يمكن أن يوجد إشكال دون مشكل؟
ج: لا. الإشكال هو دائمًا استجابة وتنظيم لمشكل موجود مسبقًا، حتى لو كان ضمنيًا. المشكل هو الدافع الأول.

س: ما الفرق بين سؤال الامتحان والإشكال؟
ج: سؤال الامتحان (مثل: "هل يمكن للعلم أن يفسر كل شيء؟") هو في الغالب مشكل عام. مهمتك كطالب هي أن تحول هذا السؤال إلى إشكال في مقدمة مقالك، بأن تظهر التناقضات (مثلاً: بين قدرة العلم التفسيرية من جهة، ووجود قيم، فن، مشاعر، لا تخضع للتفسير العلمي من جهة أخرى).

س: كيف يمكنني صياغة إشكال جيد في مقالي؟
ج: عن طريق:

  1. طرح السؤال العام (المشكل).

  2. إظوجه أنه لا توجد إجابة بسيطة عليه.

  3. عرض الأطروحات المتعارضة (نعم/لا، ولكن...).

  4. صياغة الأسئلة الفرعية التي تنتج عن هذا التعارض (مثلاً: إذا قلنا نعم، فما عواقب ذلك؟ وإذا قلنا لا، فما الحدود التي يقف عندها العلم؟).

س: أيهما أوسع، المشكل أم الإشكال؟
ج: المشكل قد يكون أوسع كموضوع (مثل: الحرية)، ولكن الإشكال يكون أدق وأعمق لأنه يحفر في هذا الموضوع من زوايا محددة (إشكال العلاقة بين الحرية والضرورة، بين الحرية والمسؤولية...).


3. الخلاصة (التركيز)

  • المشكل الفلسفي: هو الموضوع الإشكالي الأولي الذي يثير الحيرة والقلق الفكري. (مثال: الغيرية).

  • الإشكال الفلسفي: هو الطريقة أو الهيكل المنطقي الذي نعالج به هذا الموضوع، من خلال طرح أسئلة مترابطة تبرز التعارضات. (مثال: هل معرفة الذات تمر حتمًا عبر معرفة الغير؟ أم أن معرفة الغير مستحيلة؟ وما طبيعة هذه المعرفة؟).

  • العلاقة: المشكل هو المادة الخام، والإشكال هو الصياغة المنهجية لهذه المادة. الانتقال من الأول إلى الثاني هو جوهر التفكير الفلسفي.


4. امتحان نموذجي مع التصحيح

السؤال: "قيل إن مهمة الفلسفة هي طرح المشاكل而不是 تقديم إجابات قاطعة. حلل وناقش"

تصحيح نموذجي (مخطط مقالة):

مقدمة:
(طرح المشكل) غالبًا ما يواجه دارس الفلسفة اتهامات بأنها علم لا يقدم أجوبة نهائية، بل يظل يدور في فلك الأسئلة نفسها. هذا يدفعنا إلى التساؤل عن حقيقة المهمة الأساسية للفلسفة: أهي اكتشاف الحقائق أم تشريح الأسئلة ذاتها؟
(صياغة الإشكال) إذا افترضنا أن غاية الفلسفة هي الوصول إلى أجوبة قاطعة، فكيف نفسر استمرارها لآلاف السنين دون اتفاق على إجابات؟ ألا يعني هذا فشلها؟ وإذا قلنا إن مهمتها هي طرح المشاكل، فما قيمة فكر لا يقدم حلولاً؟ وأين تكمن قيمة التساؤل بحد ذاته؟

التطور:
1. الفلسفة تطرح مشاكل وتشكل إشكالات:

  • الأطروحة: الغاية الأساسية للفلسفة هي تفكيك اليقينيات ومساءلة البديهيات.

  • الحجج:

    • أصل الفلسفة هو الدهشة والتساؤل (أفلاطون، أرسطو).

    • مثال: سقراط كان يطرح الأسئلة ويحاور أكثر مما كان يعطي أجوبة جاهزة.

    • الفيلسوف هو "حارس الأسئلة" وليس حاملاً لأجوبة جاهزة.

    • قيمة الفلسفة تكمن في العملية النقدية والتساؤلية ذاتها، التي تنمي العقل النقدي.

2. لكن الفلسفة تقدم "أجوبة" نسبية ومتطورة:

  • نقيض الأطروحة: الفلسفة لا تكتفي بالسؤال، بل تسعى للإجابة، لكن إجاباتها ليست يقينية كالعلوم.

  • الحجج:

    • كل فيلسوف يبني نظامه الفكري (أطروحة) كإجابة على الإشكالات المطروحة (كانط، هيغل، ماركس).

    • هذه "الأجوبة" هي بمثابة اقتراحات وتأملات تثري الفكر الإنساني وتفتح آفاقاً جديدة.

    • الحلول المقدمة هي تاريخية وقابلة للنقاش والتجاوز، ولهذا يتجدد الفكر الفلسفي.

3. التركيب: الفلسفة تسعى للحقيقة عبر التساؤل المستمر:

  • التركيب: مهمة الفلسفة المزدوجة هي طرح المشاكل من أجل البحث عن أجوبة، على أن تكون هذه الأجوبة بدورها موضع تساؤل. إنها حلقة متواصلة.

  • الحجج:

    • الأجوبة الفلسفية ليست نقطة وصول، بل محطات للتأمل تفتح بدورها على أسئلة جديدة (ديالكتيك).

    • قيمة الفلسفة لا تقاس بكم الأجوبة بل بجودة الأسئلة التي تطرحها وقدرتها على إثارة الفكر.

    • الفيلسوف كمن يبحث عن كنز، قيمته في البحث وليس فقط في الكنز نفسه.

خاتمة:
يمكن الخلوص إلى أن التمييز الحاد بين "طرح المشاكل" و"تقديم الإجابات" هو تمييز خادع. فالفلسفة الحقة هي التي تطرح المشاكل بشكل عميق (كإشكال) كشرط ضروري لأي بحث عن الحقيقة. الإجابات الفلسفية، وإن كانت غير قاطعة أو نهائية، تبقى ضرورية كحافز للتقدم في التفكير.因此، فإن مهمة الفلسفة هي الحفاظ على فضولة العقل البشري وحيرته المنتجة حية، مما يضمن تطوره واستمراره في البحث عن المعنى.

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire

التعليقات


اتصل بنا

إذا أعجبك محتوى مدونتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المدونة السريع ليصلك جديد المدونة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

جميع الحقوق محفوظة

.