مقال شامل عن زهير بن أبي سلمى

 

مقال عن زهير بن أبي سلمى

المقدمة:
زهير بن أبي سلمى هو أحد أشهر شعراء العصر الجاهلي، بل يعدّ من أعظمهم على الإطلاق. لُقب بـ "حكيم الشعراء" و"شاعر الحوليات" لأنه كان ينظم القصيدة في حول كامل (سنة كاملة) ينقحها ويشذبها حتى تخرج في أبهى صورة. ينتمي زهير إلى قبيلة مزينة، وعاش في فترة كانت الحروب والمنافسات القبلية سائدةً، فجاء شعره ليعكس حكمته وروحه المسالمة الداعية إلى السلام والوفاء.

العرض:
يتميز شعر زهير بعدة خصائص جعلته يقف في الصفوة:

1. الحكمة والموعظة: لم يكن شعره مجرد وصف أو فخر عادي، بل كان يحمل رؤية فلسفية عميقة للحياة. كان ينظر إلى العواقب ويدعو إلى العفو عند المقدرة ونبذ الحروب، كما في معلقته الشهيرة في وصف حرب داحس والغبراء.

2. الروية والإتقان: اشتهر زهير بتأنيه الشديد في نظم الشعر. كان لا يطلق الكلمات إلا بعد تدبر، مما جعل شعره قويًا متماسكًا، خاليًا من الحشو والضعف.

3. البناء المحكم للقصيدة: تتبع قصائده، وخاصة المعلقة، البنية التقليدية للقصيدة العربية (الوقوف على الأطلال، الغزل، الرحلة، ثم الغرض الرئيسي كالفخر أو المدح) ولكن بتنظيم دقيق وانتقالات سلسة.

4. اللغة الرصينة: استخدم لغة فصيحة جزلة، مليئة بالألفاظ الموحية والمعاني العميقة، مما جعل شعره نموذجًا للغة العربية القوية.

الخاتمة:
لا شك أن زهير بن أبي سلمى يمثل قيمة أدبية وفكرية فريدة في التراث العربي. لم يكتفِ بأن يكون شاعرًا فقط، بل كان فيلسوفًا ومصلحًا اجتماعيًا عبر بكلمة. شعره ليس سجلًا لأحداث عصره فحسب، بل هو مرآة تعكس القيم الإنسانية الخالدة التي تدعو إلى السلام والحكمة والفضيلة، مما جعل إرثه الأدبي خالدًا يتجاوز حدود الزمان والمكان.

---

أسئلة وأجوبة نقدية وتحليلية

1. أسئلة التحليل والفهم:

• س: لماذا لُقب زهير بـ "شاعر الحوليات"؟

  • ج: لأنه كان لا يستعجل في نظم الشعر، بل كان يأخذ وقتًا طويلاً (حولاً كاملاً أو أكثر) في صقل قصيدته، وتنقيح أبياتها، واختيار أفضل الألفاظ والمعاني حتى تصل إلى درجة عالية من الإتقان.

• س: ما الموضوع الرئيسي الذي دارت حوله معلقة زهير؟

  • ج: دارت حول مدح هرم بن سنان والحارث بن عوف لوقفيهما حرب داحس والغبراء بين قبيلتي عبس وذبيان، والدعوة إلى السلام والحكمة وذم الحرب وعواقبها الوخيمة.

2. أسئلة تحليل الرأي والحجج:

• س: يرى النقاد أن زهيرًا "شاعر حكمة" أكثر منه "شاعر حرب". حلل هذه المقولة مع الاستشهاد بفكرة من شعره.

  • ج: المقولة صحيحة تمامًا. فعلى الرغم من ذكر الحرب في شعره (كوصف حرب داحس والغبراء)، إلا أن غايته كانت ذم الحرب وبيان تدميرها للقبائل والأوطان، والدعوة إلى العقل والحكمة والسلم. يستشهدون بأبياته المشهورة:

    وَمَنْ لا يُذُدْ عَنْ حَوْضِهِ بِسِلاحِهِ ... يُهَدَّمْ وَمَنْ لا يَظْلِمِ النَّاسَ يُظْلَمِ
    فهذا ليس تحريضًا على الحرب، بل حكمة عملية في أن ضعف المرء يدعو الآخرين للاعتداء عليه.

• س: ما الحجج التي قدمها زهير في دعوته إلى السلام؟

  • ج: قدم حججًا عملية وعاطفية:

    1. العواقب المدمرة: وصف الحرب بأنها "مَئُودٌ" (شاقة ثقيلة) تذل الأقوياء وتدمر الموارد.

    2. الفائدة من الصلح: أظهر كيف أن المال الذي ينفق على الحرب лучше أن ينفق على الصلح والإصلاح، وهو ما فعله الهرم والحارث.

    3. القيمة الأخلاقية: ربط السلام بالفضائل العليا كالعدل والعفو والشجاعة الأدبية في إحقاق الحق.

3. أسئلة التركيب والتقويم:

• س: قارن بين غرض المدح عند زهير بن أبي سلمى ومداحي عصره، مبينًا خصائص مدحه.

  • ج: المدح عند معظم الشعراء كان الكسب المادي أو التقرب إلى السادة. أما مدح زهير، وخاصة في معلقته، فكان مدحًا أخلاقيًا؛ فقد مدح هرمًا والحارث لفعلة إنسانية نبيلة (إصلاح ذات البين) وليس لمجرد الكرم أو القوة. مدحه كان قائمًا على قيم الفضيلة والحكمة، مما أعطاه بعدًا أعمق وأكثر خلودًا.

• س: قوّم ( دور زهير بن أبي سلمى كمصلح اجتماعي من خلال شعره.

  • ج: لعب زهير دورًا إصلاحيًا رائدًا. لم يكن شاعرًا سلبيًا يسجل الأحداث، بل كان فاعلاً يستخدم مكانته وشعره لتوجيه الرأي العام القبلي. نجح في تقديم نموذج للشاعر المفكر الذي يحمل رسالة سامية هي نبذ العنف وتبني الحكمة وسيلة للحياة، مما جعل شعره بمثابة "ميثاق شرف" أخلاقي قبل الإسلام.

4. نصائح لدراسة شعر زهير:

• اقرأ القصيدة كاملة: لا تكتفِ بالأبيات المتفرقة. حاول قراءة معلقته كاملة لتتتبع بناءه الفني المحكم.

• افهم السياق التاريخي: معرفة قصة حرب داحس والغبراء ضروري لفهم الإشارات والأحداث في شعره.

• ركز على "الحكم": دون في مفكرة أجمل الحكم والأبيات ذات المعاني الفلسفية (مثل: ذم الحرب، الدعوة إلى السلام، أهمية العفو، قيم العدل).

• قارن: قارن بينه وبين شعراء آخرين مثل عنترة (الفخر والفروسية) أو النابغة الذبياني (مدح الملوك) لتفرد مكانته كشاعر حكمة.

5. الخلاصة:

• زهير بن أبي سلمى: حكيم الشعراء وشاعر الحوليات.

• أهم خصائص شعره: الحكمة، الإتقان والروية، اللغة الجزلة، البناء المحكم.

• أشهر أعماله: معلقته التي ذم فيها الحرب ودعا إلى السلام، مدحًا لمصلحي ذات البين.

• قيمته: تجاوز الشعر كفن ليكون وسيلة للإصلاح الاجتماعي ونشر القيم الأخلاقية الإنسانية.

---

امتحان نموذجي مع الحل

الأسئلة:

أولاً: ضع علامة (✓) أو (✗):

1. لُقب زهير بن أبي سلمى بشاعر الحوليات لأنه كان يكثر من وصف الإبل. ( )

2. موضوع معلقة زهير الرئيسي هو الفخر الشخصي بقوته وبأسه. ( )

3. يتميز شعر زهير بالاستعجال والعفوية. ( )

ثانيًا: اختر الإجابة الصحيحة:
4. الدافع الأساسي لمدح زهير لهرم بن سنان هو:
أ- كرمه في إطعام الطعام. ب- شجاعته في الحروب. ج- محاولته إصلاح ذات البين وإيقاف الحرب.

5. من ألقاب زهير بن أبي سلمى:
   أ- شاعر الدولة الأموية. ب- حكيم الشعراء. ج- صاحب المقامة المشهورة.

ثالثًا: اكتب باختصار (في سطرين) عن سبب تشديد زهير على ذم الحرب والدعوة إلى السلام.

رابعًا: استشهد ببيت واحد من شعر زهير (مما درست) يدل على حكمته.

---

نموذج الإجابة (الحل):

أولاً:

1. (✗) (التفسير: لقب بشاعر الحوليات لأنه كان ينظم القصيدة في حول كامل)

2. (✗) (التفسير: موضوعها الرئيسي هو مدح المصلحين وذم الحرب والدعوة إلى السلام)

3. (✗) (التفسير: يتميز بالروية والإتقان وليس الاستعجال)

ثانيًا:
4. (ج) محاولته إصلاح ذات البين وإيقاف الحرب.
5. (ب) حكيم الشعراء.

ثالثًا:
لأنه عاش في بيئة قبيلة تمزقها الحروب الطويلة (كحرب داحس والغبراء) ورأى بعينه الدمار والخراب الذي تخلفه، فجاء شعره تعبيرًا عن رغبة في استقرار المجتمع ورفاهيته.

رابعًا:
"وَمَنْ هَابَ أَسْبَابَ المَنَايَا يَنَلْنَهُ ... وَإِنْ يَرْقَ أَسْبَابَ السَمَاءِ بِسُلَّمِ"
(التفسير: وهذا البيت يحمل حكمة عميقة مفادها أن من يخاف أسباب الموت (أي يخاطر) فإن الموت سيلاحقه anyway، حتى لو صعد إلى السماء بسلم، أي أن الموت حتمي ولا مفر منه، لذا فالدخول في حرب غير محسوبة العواقب هو من قبيل التهور).